الجوع العاطفي.. أسباب، وطرق العلاج
الجوع العاطفي
أسباب الجوع العاطفي يعتبر من أبرز المواضيع الصحية الهامة والتي يتم التطرق إليها كثيراً في الآونة الأخيرة، ولا سيما أن هذا الأمر بات يتفشى بين الأشخاص نظراً لاتباع أنظمة غذائية قليلة السعرات الحرارية وأنظمة قاسية لا تمنح الجسم كفايته من الطعام والعناصر الغذائية والطاقة اللازمة، فبلا شك أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة يلجئون إلى اتباع أنظمة رجيم تخسرهم الكثير من الوزن خلال فترة سريعة جداً دون الاهتمام بحاجة جسمهم للأكل الصحي والمتكامل، إذ على الرغم من شعورهم بالجوع الشديد وحرمان أنفسهم من الأطعمة المفضلة لديهم إلا أنهم يستمرون في الحرمان لدرجة أن يصيبهم نهم وجوع كبير بشكل مفاجئ على الأطعمة التي حرموا أنفسهم منهم، وقد نجد هناك أشخاص يعانون من مشاكل عاطفية أو نفسية يلجئون للطعام كوسيلة لتفريغ طاقتهم السلبية، أو الأشخاص الذين يشعرون بالملل يجدون الجوع العاطفي الحل الوحيد لهم، فما المقصود بالجوع العاطفي؟ وما الذي يدفع الأشخاص لاتباع هذه الوسيلة؟ وهل للجوع العاطفي أي تأثيرات جانبية؟ وكيف يمكن القضاء عليه والتخلص منه بصورة نهائية؟ هذا ما سنتعرف عليه في المقال.
اقرأ أيضاً:هل تعلم ما هو سبب الجوع الدائم؟!
الجوع العاطفي
قبل أن نتحدث باستفاضة عن موضوعنا أسباب الجوع العاطفي، لا بد أن نتعرف أولاً على المقصود بالجوع العاطفي وماهيته وكيف يحدث، حيث يعتبر الجوع العاطفي بمثابة وسيلة يلجأ إليها بعض الأشخاص كطريقة غير مباشرة للاستجابة لمشاعرهم والتعامل معها، فعلى سبيل المثال لو كان الشخص يشعر بالتوتر أو التعب او الضغط فإنه يلجأ للطعام ويتناوله بكميات كبيرة وبشراهة وبدون وعي.
ويمكننا القول إن الجوع العاطفي يعتبر بمثابة جوع وهمي وليس جوعاً حقيقياًن فالجوع الحقيقي أو الجسدي يدل على حاجة الجسم الفعلية للعناصر الغذائية والطاقة اللازمة لأداء المهام اليومية بنشاط، ولو تم التعامل مع الجوع بالشكل الصحيح عبر تناول الطعام المتوازن والصحي وبكميات معقولة وبوعي يتم الحفاظ على أداء عمل الجسم كما هو مطلوب.
ونجد أن الأشخاص الذين يعانون من الجوع العاطفي يظنون أن الطعام يجعلهم أفضل ويحسن من نفسيتهم، من خلال تناولهم الأطعمة غير الصحية حتى وهم لا يشعرون بالجوع، بل على العكس يسبب زيادة سوء الحالة النفسية لديهم، بل قد يتفاقم الأمر للشعور بالذنب وتأنيب الضمير نتيجة الكميات الكبيرة من الطعام التي يمكن أن تسبب لهم زيادة في الوزن، بل قد يصيبهم مشاكل صحية مختلفة كداء السكري، وارتفاع كوليسترول الدم، ومشاكل واضطرابات في النوم.
اقرأ أيضاً:هل يمكن علاج مشكلة التخمة بالاعشاب؟
أسباب الجوع العاطفي
تتعدد وتتنوع أهم أسباب الجوع العاطفي، التي قد تصيب الأشخاص وتدفعهم للشراهة على الطعام بلا وعي، ومن اهم هذه الأسباب على النحو التالي:
1-التعب والإجهاد
مرور الشخص بمشاعر سلبية وضغوطات نفسية كبيرة كالتوتر والتعب والإجهاد تجعله يشعر بالجوع الشديد، نظراً لأن الجسم يقوم بإفراز هرمون الكورتيزول بنسب عالية، وهذا الهرمون مسؤول عن الرغبة الملحة في تناول الأطعمة غير الصحية كالحلويات والمقالي والوجبات السريعة، وهذه الأطعمة تمنح الشخص شعوراً بالسعادة لفترة مؤقتة، مع العلم أن زيادة التوتر تزيد من فرصة الجوع العاطفي وتناول الطعام بدون وعي.
2-الشعور بالفراغ والضجر
قد نلاحظ أن هناك أشخاص يتناولون الطعام رغم عدم شعورهم بالجوع، بل لتخفيف الملل والفراغ الذي يعيشونه، إذ يجدون الطعام وسيلة للقضاء على الملل وشغل وقت فراغهم.
3-كبت المشاعر وعدم البوح بها
قد يكون الطعام وسيلة لكتم المشاعر السلبية وإخمادها، كمشاعر الغضب والتوتر والحزن والخوف والوحدة والعار والإحباط، إذ وأكن الشخص يخدر نفسه بالطعام ليتجاهل مشاعره.
4-التأثيرات الاجتماعية
لا بأس أن يلتقي الشخص بأصدقائه ويتناولون الطعام ويشعرون بالسعادة وقضاء أوقات جميلة، لكن ذلك قد يصاحبه إفراط في تناول الطعام، إذ هناك أشخاص لمجرد وجود الطعام أمامهم فإنهم يتناولونه بلا وعي، أو لأن الأشخاص يأكلون معهم، او في المواقف الاجتماعية المسببة للتوتر تدفع لتناول الطعام بشراهة، أو ربما يكون هناك تشجيع من الأصدقاء والعائلة على تناول الطعام بإفراط.
5-عادات وتصرفات الطفولة
لا بد أن هناك أشخاص ذكريات الطفولة كانت لديهم عبارة عن الحصول على الآيس كريم أو الحلويات كمكافأة وتحفيز من الأهل للتصرف الجيد من قبلهم، أو عند حصوله على علامات دراسية مرتفعة يتم مكافأتهم بتناول البيتزا مثلاً أو الوجبات السريعة، فهذه العادات التي كانت متبعة في الطفولة لا بد أنها ستنتقل على مرحلة البلوغ ويرجع الشخص لها من باب الحنين للماضي وذكريات الطفولة.
6-أسباب أخرى للجوع العاطفي
إلى جانب الأسباب السابقة التي تحدثنا عنها، هناك أسباب أخرى تقود نحو تناول الطعام بإفراط وبكميات كبيرة غير محسوبة، ومن أهم هذه الأسباب كالتالي:
- انفصال الشخص عن عائلته والعيش وحيداً.
- شعور الوحدة والانعزال والانطواء.
- وجود فجوة ومسافة كبيرة عاطفية بين الأطفال والأهل.
- قلة وجود الدعم الاجتماعي للشخص عند الحاجة الماسة إليه.
- عدم التمييز إن كان الشخص يشعر فعلاً بالجوع أم أنه جوع وهمي او يشعر بمشاعر سلبية.
- الابتعاد عن ممارسة الأنشطة التي تخفف من المشاعر السلبية كالتوتر والقلق والحزن.
- حدوث تغييرات في مستوى هرمون التوتر هرمون الكورتيزول لكي يستجيب للضغوطات النفسية التي يعيشها الشخص، ما يؤدي إلى وجود حاجة كبيرة لتناول الطعام.
- قلة الثقة بالنفس والنظرة السلبية للذات، تسبب وجود الشخص في دورة الجوع العاطفي.
كيف تحدث دورة الجوع العاطفي
ليس هناك أي مشكلة في أن يتناول الشخص الطعام غير الصحي كالوجبات السريعة من باب الاحتفال بأمر ما، أو مكافأة النفس، أو حتى في اليوم المفتوح لو كان يسير على نظام غذائي معين، لكن هذا الأمر يكون سلبياً بالفعل في حالة كان الأكل مجرد وسيلة للتأقلم مع طبيعة المشاعر التي يواجهها الشخص، كاللجوء إلى الثلاجة عند الشعور بالملل أو الوحدة أو القلق أو الازعاج.
وفي حقيقة الأمر لا يمكن أن يسد الطعام الجوع العاطفي ويحسن منه، بل ستبقى المشاعر السلبية مثلما هي حتى لو تم تناول كافة الأطعمة المفضلة للشخص، بل بعد انتهاء تناول الطعام سيكون هناك المزيد من السوء والسلبية نتيجة استهلاك سعرات حرارية عالية تفوق الاحتياج اليومي من السعرات، والمشكلة ستزداد تعقيداً إن لم يتم التعامل معها بطرق صحية وسليمة، وسيكون لدى الشخص وقتاً طويلاً للتحكم في وزنه، كما سيكون هناك شعوراً متزايداً بالضعف والاستسلام أم المشاعر والطعام.
قد يهمك أيضاً:ما هي أعراض السكري من النوع الثاني؟
العلاج
يمكن علاج مشكلة الأشخاص الذين يعانون من الجوع العاطفي، من خلال اتباع سلسلة من الخطوات الصحية التي تقودهم نحو السيطرة على الحاجة الملحة والشديدة لتناول الطعام، ومن هذه الخطوات على النحو التالي:
تدوين الأطعمة التي يتم تناولها
يجب على الشخص أن تكون لديه مذكرة يكتب فيها كل الأطعمة التي يتناولها، وأوقات تناول الطعام، وشعوره عند تناول الطعام، والدرجة التي يشعر فيها بالجوع، ومع مرور الوقت سيجد هناك علاقة صحية بينه وبين الطعام.
التقليل من التوتر
في حال كان التوتر سبباً في شعور الشخص بالجوع العاطفي، فلا بد من التخلص من التوتر من خلال ممارسة تمارين التأمل أو التنفس أو اليوغا.
التمييز إن كان الجوع حقيقي أم وهمي
قبل الإقبال على تناول الطعام لا بد أن يسأل الشخص نفسه إن كان حقاً يشعر بالجوع أم مجرد جوع وهمي، ففي حال تناول الشخص الطعام قبل فترة قصيرة ولم يكن هناك أصوات من المعدة فهذا الجوع وهمي.
الحصول على الدعم الاجتماعي
يمكن القضاء على الجوع العاطفي في حال كانت هناك علاقات اجتماعية كبيرة لدى الشخص، ويدعمونه ويتحدث إليه ويلهي نفسه عن الطعام.
عدم الاحتفاظ بالأطعمة غير الصحية
علاج الجوع العاطفي يكمن في عدم الاحتفاظ بالأطعمة غير الصحية الضارة كالحلويات والشيبس، ويفضل استبدالها بالأطعمة الصحية كالشوكولاتة الداكنة، وزبدة الفول السوداني، والفواكه.