زراعه الرحم
زراعه الرحم من التطورات الطبية، حيث لا شعور مهما كانت روعته يشبه شعور الأمومة في هذه الحياة، ففي الوقت الذي تتمتع فيه العديد من السيدات بهذا الشعور الجميل والمميز، تعاني الكثيرات من حرمانه منه في المقابل العديد منهن، وذلك لأسباب مختلفة، قد تكون بسبب الإصابة بأمراض معينة تمنعهن نهائيا من الإنجاب، أو بسبب إزالة الرحم، غير أنه ومع تطور الطب، يبقى الأمل يلوح دائما في الأفق عند كل سيدة فقدت الأمل بالإنجاب و يكون هذا من خلال عدة طرق ابرزها زراعة الرحم.
نتحدث عن عقم الرحم، والذي تعاني منه آلاف السيدات عبر العالم في سن الإنجاب، وعقم المرأة بسبب مشاكل معينة في الرحم، هو اكيد حالة للأسف تستحيل معها أية فرصة للإنجاب، حيث أن هناك نساء ولدن من دون رحم (حالة نادرة جدا)، وأخريات يعانين نوعا من الاختلال في وظيفة الرحم من جراء بعض الأمراض المعينة، مثلا سرطان الرحم، أو عمليات وحوادث معينة (استئصال الرحم) للأسف وإلى حدود اليوم لازال هذا النوع من العقم من غير علاج، وتقريبا يعتبر هو نوع العقم الوحيد المقترن بالمرأة الذي لازال من دون أي علاج. غير أنه في الوقت الحالي، ومع تقدم الطب والجراحة قد أصبح لدى السيدات اللواتي يعانين من هذا النوع العقم، أمل جديد في الإنجاب، رغم صعوبته وتعقيده، هنا نتحدث عن ” زراعة الرحم”.
عملية زراعه الرحم
هذا النوع من العمليات، لازال في طور التجريب، بمعنى أن ليست لها بروتوكولات واضحة، وزراعة الرحم على العموم هي حل جراحي يهم فقط السيدات اللواتي يعانين من مشاكل في الرحم تمنعهن من الإنجاب، وهي عبارة عن عملية جراحية يتم فيها زرع رحم سليم من متبرعة، إلى مريضة يكون رحمها إما غير موجود أساسا أو يعاني من مشاكل تمنعها من الإنجاب، وعلميا فإن عدم وجود رحم أو وجوده مع إصابته بمرض معين، سوف يجعل من المستحيل على المرأة أن تنجب.
شاهد ايضا : سقوط الحامل
ما يجب فعله قبل إجراء العملية؟
قبل اجراء إلى العملية، هناك عدد من الإجراءات التي وجب أن تقوم بها، وأهمها هي خضوع السيدة العقيم التي تعاني من مشكل في الرحم والسيدة التي قررت بملء إرادتها أن تتبرع لها أو الواهبة، لتقييم طبي وذلك لأجل التأكد من أن السيدتين معا بصحة جيدة ومؤهلتين معا لإجراء هذا النوع من العمليات، من أهم شروط إجراء هذه العملية، والتي تفرضها عدد من الدول، هو أن تكون المتبرعة من نفس عائلة المريضة (أم، أخت، خالة، عمة، …) حيث أن فرص تماثل الانسجة تكون جيدة بين الأقارب، لكن الشرط الاهم في السيدة التي تتبرع ان لا يزيد عمرها ال60 عاما، عدا ذلك لا يهم إن كانت قد قامت بالانجاب من قبل عن طريق ولادة طبيعية أو قيصرية.
شاهد ايضا : تكيس الرحم
قبل العملية كذلك، من بعد التأكد من جاهزية السيدتين معا، سواء المتبرعة أو الواهبة، يتم انتشال بويضات المرأة العقيم التي سوف تجري عملية زرعه الرحم، وذلك حتى يتم تخصيبها في المختبر وتجميدها.
ملخص ما يحدث بعد العملية
هذه هي أهم وقائع عملية زراعه الرحم :
- خلال عملية الزرع : يتم استئصال رحم السيدة المتبرعة ونقله حتى يتم زرعه في جسد السيدة المريضة، العملية تدوم تقريبا ستة ساعات .
- بعد العملية : يجب على المريضة ان تلتزم إلى مراقبة طبية، وأيضا تأخذ أدوية معينة كابتة للمناعة، وذلك حتى يتقبل جسمها الرحم المزروع، وبعد متابعة الحالة، والتأكد من أن عملية الزرع، قد تكللت بالنجاح مئة بالمئة، وشفاء الرحم عملية أخرى تعتبر، يتم اجراء عملية أخرى وهي تعتبر أسهل، بحيث أن هذه المرة سوف يتم زرع الأجنة المجمدة حتى تكون نتيجة العملية عن حمل طبيعي ( سوف نتطرق إلى هذا الأمر بتفصيل في الفقرات المقبلة ) .
وبعد أن تمر كل هذه الأمور بخير ومن دون أدنى مشاكل، وبعد أن تنجب السيدة المستفيدة مرة أو مرتين أو حتى أكثر بحسب درجة خصوبتها هي وزوجها، يمكنها بعد ذلك أن تجري عملية جديدة، ولكن هذه المرة لأجل إزالة الرحم المزروع، حتى يمكنها أن تتوقف عن تناول الأدوية الكابتة للمناعة.
قلة الإقبال على إجراء على زراعة الرحم
إلى حدود كتابة هذه الأسطر، فقط القليل جدا من النساء هن من خضعن لعملية زرعه الرحم، إذ لا توجد الكثير من النساء ممن أجرين جراحة استئصال الرحم في سن مبكرة أو حتى في سن الإنجاب، كما أن السيدات اللواتي ولدن من دون رحم معدودات على رؤوس الأصابع في كل العالم.
هناك أيضا بدائل طبية – جراحية أخرى لعلاج عقم الرحم، غير أنها هي الأخرى الإقبال على إجرائها ضعيف جدا، بالنظر لكونها معقدة نوعا ما، وأشهرها على الإطلاق :
- تأجير الأرحام : إذ أنه يمكن لامرأة أخرى أن تحمل بجنين المرأة العقيم في رحمها، هذا الإجراء الطبي عليه اختلاف كبير جدا، خصوصا على المستوى الديني.
بعد عملية زراعه الرحم
عملية زرعه الرحم تستغرق عادة نحو ست ساعات كاملة، مع انتقال العضو من المتبرعة إلى المريضة، غير أن متلقية الرحم وجب عليها تناول بعض العقاقير المثبطة لمناعة الجسم، بعد العملية، وحتى طوال فترة الحمل اللاحقة، وذلك لأجل منع أية فرصة ممكن فيها أن يرفض الجسم العضو الجديد المزروع.
بعد العملية، يجب أن يتم اخضاع المريضة إلى مراقبة صحية مكثفة وذلك لمدة عام كامل، بعد هذه المدة، وبعد التأكد من أن العملية قد نجحت وأن الأمور قد مرت بسلام، يتم زرع الجنين الجديد، حيث ينشأ هذا الجنين من مزيج مكون من بويضات الأم والحيوانات المنوية للزوج، وذلك من خلال تطبيق إجراءات الإخصاب الصناعي وفق شروط طبية معينة، وفي حالة سارت الأمور على ما يرام، سوف تلد الام الطفل بعد فترة الحمل الطبيعية، ولكن من خلال الولادة القيصرية، يمكن للزوج تكرار عملية الإنجاب مرة أو إثنين، قبل أن تقرر الزوجة إزالة الرحم.
إزالة الرحم
بعد أن يكون الرحم المزروع، قد أعطى المراد منه، وتمكنت السيدة العقيم سابقا من أن تحقق حلمها، وتنجب مرة أو إثنين وربما حتى أكثر، ولأن عملية زراعة الرحم تستوجب تعاطي عقاقير معينة تعمل على تثبيط المناعة، يكون للمرأة خيار الغاء زراعه الرحم ، وذلك حتى تعفي نفسها من مواصلة تعاطي تلك الأدوية، وتجري عملية الاستئصال هذه من طرف فريق جراحي مختص.
هذا الحل ولو أنه مناسب للسيدات اللواتي لا يستطعن الإنجاب، إلا أنه يبقى خيارا يمكن العمل على تطويره مستقبلا، وذلك حتى تستفيد منه نسبة أكبر من السيدات اللواتي ترغبن بالإنجاب.
المخاطر الممكنة من زراعه الرحم
أما عن خطورة هذا النوع من العمليات، فإنها تتمثل في حال ازدادت ردة فعل المريضة عن الحد الطبيعي للعلاج، أو في حالة لم تخضع للمراقبة الطبية المناسبة، إذ أن المبايض من الممكن أن تتضخم وتنتج كثيرا من جراب المبيض، وفي حالة أخرى أسوأ، يمكن نقل المريضة من غرفة العمليات إلى وحدة العناية المركزة، لكن في الحالة الأسوأ وهي حالة شديدة الندرة، وربما لم يسبق لها أن حصلت قبل كتابة هذا الاسطرـ أن المريضة قد تموت. غير أنه ولحسن الحظ، السيدات أصبح لهن وعي كبير بخصوص مثل هذه المخاطر، وعليه فإنهن غالبا يتبعن تعليمات الطبيب ويطبقنها بحذافيرها، حتى يحصل المراد وتحمل السيدة من دون أية مشاكل (أول عملية زرع الرحم تمت في الولايات المتحدة الأمريكية وباءت بالفشل، بسبب مضاعفات لم يتم تحديدها).
متى يحصل الحمل بعد زراعه الرحم؟
سؤال يطرحه عديدون، كم من الوقت سوف يستغرق الأمر حتى تتمكن السيدة المستفيدة من عملية زراعة الرحم من الحمل؟ حسب المختصين، فإن الأمر ليس له أية علاقة بمقدار الوقت ولكن بحالة الزوجين الصحية وخاص بطبيعة المشكلة التي يواجهانها، إذ أن مدى استجابة المريضة للعلاج من حيث المداومة على أخذ الأدوية، وأيضا جودة بويضاتها وكذا الحيوانات المنوية، وكيفية انسجامها معا بعض، وحتى وضع الأجنة المتكونة أيضا.
غير أن الأمر ما يتكلل بالنجاح من أول محاولة، بالنظر لطبيعة مشاكل الخصوبة التي يمكن ان يعاني الزوجين منها وأيضا لعمرهما، لذا فإنه المحاولة تخضع للتكرار مرة ومرتين، كما يبقى خطر الإجهاض وارد جدا.
في آخر فقرة في هذا الموضوع، نختم بالتذكير بعدد من المعايير الأخلاقية التي تفرضها عدد من المؤسسات العلمية لأجل إجراء عملية زرع الرحم، وذلك بغض النظر عن الآراء الدينية والأخلاقية ذات البعد الاجتماعي.
وهي تقتضي تحديد عدد من المعايير والشروط للمتلقية وكذا السيدة المتبرعة وكامل فريق الرعاية الصحية، ويتم تحديدها كالتالي :
- السيدة المتلقية (المريضة المستفيدة) هي أنثى لا يوجد لديها أية موانع صحية لإجراء عملية الزرع، ولكن أولا بعد محاولة علاج الرحم الخاص بها والتأكد من أنه لا توجد أية فرص ولو ضئيلة لإمكانية حدوث الحمل.
- وأيضا يجب أن تكون هذه الأنثى مناسبة للأمومة (نقصد هنا الحالة النفسية والسن)، كما انه من اللازم أن تكون هذه السيدة واعية بمخاطر إجراء هذه العملية، وكذا جسدها مستعد لذلك ومتوافق مع العلاج.
- السيدة الواهبة أي المتبرعة، يجب أن تكون أنثى في سن الإنجاب دون أية موانع سواء نفسيا أو صحيا لإجراء هذا النوع من العمليات، طبعا يجب أن تكون موافقة على الأمر وأن تكون قريبة للسيدة المستفيدة. وطبعا يجب أن تكون سليمة عقليا كي تكون مسؤولة عن هذا القرار.
- فريق الرعاية الصحية والذي سوف يشرف على هذه العملية من البداية إلى النهاية، يجب أن يكون منتميا إلى مؤسسة صحية تستجيب لمعايير الصحة والسلامة المطلوبة، كذلك عليه أن يلتزم بتقديم موافقة واضحة لكلا الطرفين (الواهبة والمستفيدة) وعلى هذا الفريق أن يتأكد من عدم وجود تضارب في المصالح بين الطرفين، وطبعا أن يلتزم بحماية الهوية والخصوصية لهما معا، وذلك دون أن يتنازل أي من الطرفين عن حقوقه المعنوية .