الكوميدي الشهير عبد السلام النابلسي، من مواليد لبنان سنه1899، تعوذ أصوله الحقيقية إلى
مدينة نابلس الفلسطينية، وهو ابن أسرة متدينة، قدم إلى مصر لأجل الالتحاق بالأزهر الشريف،
فجذبه عشق الفن، وكانت أولى خطواته في عالم السينما، فيلم غادة الصحراء من إخراج وداد
عرفي، وكان ذلك بفضل المنتجة آسيا، وتوالت بعدها الأعمال، التي جعلت منه نجما كوميديا كبيرا في مصر، وإسما لامعا، وذلك بفضل أعماله الكثيرة، راكم عبد السلام النابلسي ثروة كبيرة، وعاش حياة رغدة مرفهة، حتى كانت المفاجأة الصادمة التي قلبت حياته رأسا عل عقب.
محنة الضرائب
كان معروفا عن عبد السلام النابلسي البذخ والإنفاق الكثير والإسراف، الشيء الذي جعله ينسى
تسديد الضرائب فى موعدها، حتى تفاجأ ذات يوم بمديرية الضرائب تطالبه بضرورة أداء مبلغ 12
ألف جنيه عن نشاطه الفني، وهو المبلغ الذي كان يعتبر ضخما جدا وقتها، وبعد محاولات وتدخلات كثيرة من شخصيات فنية قريبة من المسؤولين تم تخفيض المبلغ إلى 9 آلاف جنيه، وهو أيضا لم
يكن بحوزته وكان عاجزا عبد السلام النابلسي عن أدائه، مما اضطره إلى الهرب إلى لبنان، حيث
كان يبعث لإدارة الضرائب 20 جنيها كل شهر، أي أنه لن يقوم بسداد كامل المبلغ إلا بعد 37 سنة،
مما اعتبرته إدارة الضرائب المصرية عدم جدية من طرفه، وبعد 3 سنوات قامت بالحجز على أثاث
شقته التي كان يكتريها بالزمالك والتي لم تكن بحجم قيمة المبلغ .
حيلة الدبدوب
بعد مطالبة إدارة الضرائب له بأداء ما عليه، فكر عبد السلام النابلسي في حيلة ذكية للهرب
وتهريب كل ما لديه من أموال إلى لبنان، فخاطرت بباله حيلة طريفة جدا، فقام بشراء دبدوب ضخم وأخفى بداخله ثروته كلها بعد أن حولها إلى أوراق مالية فئة المئة جنيه، وفي المطار التقى أحد
أصدقائه هو المخرج محمد سلمان وزوجته المطربة نجاح سلام، الذين كانا يصطحبان ابنتهما
الصغيرة، وهم أيضا كانوا متوجهين إلى لبنان على متن نفس الطائرة، فأعطى النابلسي الدبدوب
إلى الطفلة لتلعب به كطريقة للتمويه، الطفلة الصغيرة أخذت تلعب بالدبدوب وهم في صالة
الانتظار، وقل إسماعيل ياسين يخفق بشدة من حركات الطفلة خوفا من اكتشاف الأمر، ولم يهدأ باله إلا بعد الصعود إلى الطائرة، حيث نامت الطفلة محتضنة الدبدوب ولم تستيقظ إلا عند الوصول إلى لبنان.
مباشرة عد النزول من الطائرة، وفي حركة أثارت دهشة المخرج محمد سلمان وزوجته، اختطف عبد السلام النابلسي اللعبة من الطفلة وركض مسرعا واستقل أول تاكسي، تاركا الطفلة تصرخ بشدة، ولم يعرفا سبب ذلك التصرف إلا بعد يومين.
إفلاس
مباشرة بعد وصوله إلى لبنان، قام النابلسي بتحويل المبلغ إلى ليرة لبنانية وكان حوالي 70 ألف ليرة لبنانية، وقام بإيداعها فى بنك (إلترا) ببيروت وجمده نظير شراء أسهم، ولسوء حظه بعد فترة قصيرة قام البنك بإشهار إفلاسه، وكان الخبر ضربة موجعة له.
وفاته
بعد إفلاس بنك إلترا، تدهورت حالته النفسية والصحية، وكان يشتكي خاصة من آلام حادة في
المعدة، وأثناء تصوير فيلم “رحلة السعادة ” بتونس، قالت صباح في إحدى الحوارات أنها كانت
تسمع أنين عبد السلام النابلسي، حيث أن غرفتيهما كانتا متجاورتين، وأضافت أنه كان حريصا
على فتح مياه الصنابير حتى يعلو صوتها على صوت توجعاته. وفي يوم 5 يوليوز سنة 1968م لفظ عبد السلام النابلسي أنفاسه الأخيرة.